أفتقدها بشدة فلم يحلُ لي عيش بعدها وكأنها كانت درعا يقيني وحصنا يحميني.
اشتقت إلى ضحكاتها وسرورها
اشتقت إلى توبيخها لي على لا شيء
كيف لو رأتني اليوم كالمشرد كأني ذو خمس سنين حائر أغالب الدمع من فقدها
حائر لا أعرف ماذا أصنع
أبحث عن حضن بعد حضنها
عن لهفة بعد لهفتها
عن حنان بعد حنانها
وفي كل درب سلكته
انتهى بي إلى هاوية لا قعر لها
فقدت قوتي بعدها
وصرت عرضة للضربات والطعنات
للخداع واللؤم
صرت كاليتيم – وإني ليتيم – أتسول صدرا حنونا
يرونني فيحسبونني رجلا وقلبي قلب طفل مكلوم
يرونني رجلا فيظنون في نفسي قساوة وإني لأوهن من براعم الشجر
كانت تسقيني قوتي فلم انقطع الماء يبست أرضي واغبر هوائي
من سار على طيني الجاف سمع تهشمي فصار يعبث ويلهو بتهشيمي
أتسمعينني يا أماه؟!
فأشكو لك جراحاتي
وإن سمعت أفي يدك شفاء روحي؟!
غيابك ضعفي الذي منه أُتيت
فليتني كنت أعلم يوم قبلتك القبلة الأخيرة أني أودع قوتي معك
وإذ نزعت عنك حليك أني أنزع من جسدي روحه
وإذ أودعتك قبرك أني أودع سعادتي معك
يقولون بيت بلا أم كله ألم
وأقول بل حياة بلا أم ليست بحياة
أين أجد تلك التي تحبني للا شيء
أو تمنع عن نفسها لتمنح نفسي
أو تتعلل بأي سبب لتسمع صوتي
أين من أجد فرحها يفرحني
ومن تأزر إلي عندما تُغلق السبل
أين من تدعو لي قبل كل أحد حتى نفسها
أحن إليك حنين الطفل لأمه وإني بعدك ما زلت طفلا
يحسبونني شديدا قويا وإني لمهترئ لو اتكأ علي الهواء لأقعدني
كيف يستطيع غيري البقاء بعد أمه أم أني من دون الناس استثناء
وكل من أردته بعدك بدلك نهش فؤادي وتركني أنزف بلا رحمة
واليوم أتوسد حجرا ولو كان الحجر حيا لتركني
ما ألجأني إلى قسوة الحجر إلا قلوبا كانت علي أقسى من الحجارة
في أحد الأيام يا أمي في ألمانيا هنا سكنت في في فندق تعمل فيه عجوزان
فأما الأولى فطرقت علي الباب لما كاد وقت الفطور أن ينتهي فلما أبصرتني نائما رقت لحالي وقالت نم
وأما الأخرى فقد أعدت لي الفطور وكأني ابنها
هذا لا شيء عند من لم يفقد أمه لكنه ضربني في الصميم إذ أشعر بالجوع لحنانك كل لحظة
إلى الله أشكو حاجتي إليك وقلة حيلتي
وجرحا كلما قارب الشفاء نكأته يد
أغبط أحمد إذ رافقك
يا ليتني رافقتكم حينها
Leave a Reply
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.