إلى أطفالي



يزن يا قرة عيني,

 تيم يا طفلي البريء الأبيض الناصع ,

سلوان الحبيبة ريحانة الفؤاد,

أخشى يا أطفالي أن أموت ولم تعلموا بما أريد قوله لكم ولا رسول أمينا سيوصل ما أود قوله لكم ولما كان كل شيء يدخل الإنترنت لا يزول وجدته أوثق وسيلة وأنتم اليوم صغار وقد تشتت شملنا وغدا ستجدون هذا مكتوبا بإذن الله.

لم يكن ذنبكم أن كنت أباكم وإنما هي جنايتي وحدي عليكم ويعلم الله أني كنت أخطط لكم مستقبلا مشرقا وأردت أن تكونوا في خير حال ولكن هذه الدنيا من طبعها أنها ترهق المرء حتى تقتله دون آماله.

ما كنت أريد أن تبتعدوا عني لحظة واحدة ولكن ظلت النوائب تقرع رأسي حتى أقعدتني لا أستطيع شيئا حتى أن أكون والدا طبيعيا لكم بل بت اخشى عليكم مني أو أن ترثوا مني ما يقودكم إلى فشل مثل فشلي وإني لأستحق لومكم كله ولا ذنب لكم في كل شيء يحدث لكم من المحيا إلى الممات وإنما هو ذنبي أنا وحدي وأسأل الله أن يغفر لي وأن يعوضكم بدل ما أخفقت في منحه إياكم واعلموا علم اليقين أن لو استطعت أن أفتدي كل لحظة حزن تمر بكم بعمري كله لما ترددت لحظة واحدة أن أشرب كأس الموت المر كأنه ماء عذب زلال ولا تقطر من أعينكم دمعة واحدة.

لا تلوموا أنفسكم ولا تلوموا أحدا فأنا الملام وحدي إذ كان اختياري وعاقبة فعلي كل أحزانكم فاليوم لا تدركون أيها البرآء الصغار ماذا حدث ولكن غدا عندما تكبرون وتجدون أنفسكم في وضع ما لا يعجبكم لا قدر الله فلا تعذبوا أنفسكم فإنما أنا من كان وراء ذلك إذ لو كنت حكيما ما جلبتكم لهذه الدنيا وقد ذقت منها الأمرين وما دعاني لذلك إلا أمنية لجدتكم رحمها الله أن تراكم قبل أن تموت ولدافع البر أجبت وكذا قضى الله والحمد لله.

لا تحسبوا أني بخلت عليكم بشيء واستأثرت به دونكم وإنما هو عجز أحاط بي من كل جانب ويعلم الله كم كافحت لأتقي ما أنا فيه من عجز ومرض من أجل أعينكم فقط وحاولت بكل طريقة ولكن كان سعيي يؤول إلى الذي أتقي حتى بت ما أعرف أين الصواب وإنه ليمزقني أني عاجز عن حمايتكم.

واعلموا علم اليقين أني أحبكم وإن لم يكن الحب كافيا ولكن اقبلوا من أبيكم العاجز ما استطاع أن يجود به لا ما أراد أن يكون فهو أراد أن يكون لكم نعم الأب الذي يحسدكم عليه الناس ولم أكن لأرضى لكم بأدنى معيشة وإني لأبخل على نفسي بما أجود به لكم ولكنه جهد المقل ولو كنت في عافية وأدركت الذي إليه أصبو لمنحتكم كل الذي حزته لكم وحدكم فقط.

إني أبيحكم من كل حق لي عليكم واسأل الله أن لا يؤاخذكم بي ويغفر لكم وما أطالبكم بشيء لي إذ لم أكن لكم نعم الوالد فلا أطلب أن تكونوا نعم الأولاد ولا تحرموا أنفسكم من شيء من أجلي فإن أولى الناس أن لا أطالبه هم أنتم وقد عففت عما في أيدي الناس كلهم وآثرتكم بما هو لي عليكم بأمر الله.

أوصيكم أن تحبوا أنفسكم فلا تنافروا من بعضكم وكونوا يدا واحدة ولا يستأثرن أحدكم بشيء دون إخوته وليؤخر نفسه ويبتدئ بهم فإنما أنتم أكثر الناس شفقة بأنفسكم فلا تفرقوا فينأى كل واحد منكم بنفسه فتضعفوا وينال منكم من يبغضكم.

لا تكرهوني ولا تعذلوني فوالله ما كان بيدي شيء مما ستعذلونني فيه وإني تجرعت الحرمان من كل شيء حتى من الأشياء التي يحصل عليها الناس حصولا طبيعيا ولولا أن الهواء ليس بيد أحد منعه لما تنفست منه نسمة هواء واحدة ولاختنقت بحرماني, ومن أحبني منكم فقد أدى غاية البر بي لا يجب عليه مني شيء فوق ذلك ومن زاد فالله وحده قادر على ثوابه.

أوصيكما يا ابْنيّ بأختكما لا تحزنن وأنتما على قيد الحياة بل دللاها ومتعاها ما استطعتما ولا تبخلا عليها بشيء

أوصيك يا سلواني بأخويك لا ترهقيهما ولا تغضي من شانهما فإنما أنتم كلكم أجزاء مني فلا يَجُرْ بعضي على بعضي

أرجوكم يا أطفالي أن تكونوا على قلب واحد فلا تعذبوني بتفرققكم ودعوني أرقد في قبري بسلام فإني لا أظن أني أدرك شبابكم وقد بكر إلي المشيب وشاخ جسدي في زمن الكهولة.

إني أستودعكم الله والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين

Be the first to comment

Leave a Reply