رجل يجرب حياة المرأة

تعطلت سيارتي وعشت قرابة الشهر بلا سيارة, كانت تجربة عجيبة عشت فيها جزءا من حياة المرأة كنت لا أستطيع الذهاب إلى أي مكان إلا بسيارة أجرة لذا كان الوقت يضيع في انتظار مرور سيارة فارغة من الركاب ناهيك عن التكلفة فأقرب غاية كانت تكلف من 10 إلى 20 ريالا أو أن أنتظر أن يتفضل علي أحد من معارفي بإيصالي وفيها ما فيها من الانتظار أو إخلاف الموعد ونحو ذلك ومن حسن الحظ أن البيت قريب من شارع عام فيه مطاعم ومقهى وبقالة وصيدلية ولكن الأمر يحتاج للمشي مسافات لم أكن لأمشيها كل يوم.

كنت مقيدا لا أستطيع فعل شيء متى أردته فلزمت البيت وشغلت التلفاز المطفأ وتابعت كل البرامج المتاحة وكنست وغسلت وطبخت فلقد كنت أعيش حياة امرأة تقريبا ولم ينقصني سوى العباءة واستئذان شخص آخر عند الرغبة في الخروج وأدركت أن هذه الحياة لا يصح أن يعيشها أحد فهو مأسور بمزاجات الآخرين وأطماعهم ولا أعترض على حكم شرعي ولكن ما دون ذلك.

لقد سئمت من البيت مع أني رجل قليل الخروج ولكني كنت في أسر على الرغم من إرادتي ومع أن أمر المرأة لم يكن يشغلني قبل ابنتي سلوان إلا أني كنت أفكر في النساء جميعا عندنا هذه المرة وأدركت حجم المعاناة التي صبرن عليها إلى اليوم.

لن أقول أني أؤيد قيادة المرأة أو أرفضها فليست هذه رسالتي في هذا المقال مع أني أصرح بأني مع قيادة المرأة فإن كبرت ابنتي ولم يسمح لهن بذلك فسأخرج بها إلى مكان تستطيع فيه (التفحيط) لو شاءت ولكني هنا أقول دعوا النساء يقررن أو على الأقل من شاءت أن تقود فلها ذلك ومن امتنعت فلا يضرها السماح شيئا فهن من يعانين ويكابدن المشقة وليس لهن حيلة فلا وسائل نقل عامة ولا يعذرن على التقصير في أعمالهن وواجباتهن ولست أفهم الربط الغبي المغفل بين قيادة المرأة والفساد الأخلاقي فإن الفاسقة لن يعيقها المنع والطاهرة لن يفسدها السماح وعلى كل حال الجدل في هذا غباء فالنساء يقدن السيارات في العالم كله ولم نر انحلالا أخلاقيا لهذا السبب كما أن القضايا الأخلاقية التي اكتشفت عندنا تثبت أن الفساد لا يحتاج سيارة تقودها امرأة والكاذبون الذين يجعلون هذه القضية دعوة لخروج المرأة من بيتها يرون بأعينهم أن المرأة على كل حال خارجة من بيتها لعملها والسوق والزيارة والشوارع ملأى بهن ولا أرى منطقا في هذا الإصرار على منعهن.

المهم أني جربت جانبا من حياة المرأة السعودية ولا اقول إلا كان الله في عونكن ويسر أموركن ورفع البلاء عنكن.